هِكسا كونِكشن: أن تكون هِكساويًا.


’’كشاف مرة، كشاف للأبد‘‘ دومًا ما تهافت لسمعي هذا القول من كشفيين سابقين، يرددونها بفخر، مثل تواتر ذات السؤال، مرارًا وتكرارًا: “كنت في الكشافة أنتَ؟”

أن تكون كشافًا يعني أن تكون شخصًا فريدًا -عظيمًا- إن جاز الوصف

طوال فترة الإبتدائية، لم يتوقف والداي -أمي تحديدًا- عن رغبتها بإلحاقي للحركة الكشفية، ولطالما كانت لدي رغبة في أن أكون فردًا فيها، كانت -وربما لازالت- شيئًا مثيرًا بالنسبة لي، لكن بالتأكيد فإن هدفي وهدف أمي من انخراطي في الحركة الكشفية مخلفان كليًا، لست جازمًا لِمَ كانت أمي لحوحة في مسألة الكشافة هذه، لكن بلا شك هو أن الهدفان الرئيسيان كأن “تقوية عودي، وأن أكثر خشونة” ولا بد أن للصورة الإيجابية التي تمحنها عضوية الكشاف دورٌ في هذا أيضًا، فأن تكون كشافًا يعني أن تكون شخصًا فريدًا -عظيمًا إن جاز الوصف! أما أنا -الساذج أنا- كان كل اهتمامي نابعٌ من قرب الكشاف إلى الطبيعة، والنشاطات الكشفية التي تبدو “لطيفة” في الكارتون!
لكن الحقيقة، أن تلك الأفكار والرغبات، ظلت مجرد نوايا، فالمهم هو النية، وإنما الأعمال بالنيات -نموذج للمسلم المثالي! ظل حلم الكشافة رفقيًا لي طوال عمري، حلمٌ لن يتحقق؛ لكن غيره تحقق.

’’كشاف مرة، كشاف للأبد‘‘

لم أكن محظوظًا لأكون كشافًا، لأنهل منهم ما يشتهرون به من صفات: “الإلتزام، الحضور، مهارات التواصل، التفاني، إلخ القائمة‘‘؛ لكنني كنت محظوظًا كيف لأن أكون من ضمن فريق هِكسا كونكشن، التي لا بد أنها كانت خير بديل لفرصة الصغر الضائعة!
بدأ الأمر قبل أن يبدأ، منذ أن كانت مجرد كلمة! حينها كنت هائمًا بلا رشد لا أدرك أي مسلك أسلك -مازلت كذلك على أي حال-، وما الذي أهواه، أدوّن حينًا، وتارة أصمم وأزعم أنني مصمم! من هناك خاطبني أمجد*: “ألكَ أن تصمم؟” فانتفض الأخرق الصغير في داخلي مجيبًا “نعم” فكانت النتيجة أن صممت شعارًا قبيحًا، لهِكسا، كان ذلك في أواخر 2013، قبل وقتٍ طويل من الانضمام فعليًا لفريق هِكسا.
فالبداية فعليًا كانت مع ديسمبر 2015، حينها كانت هِكسا تحاول التمدد من طرابلس العاصمة، نحو بنغازي شرقًا..

هِكسا بنغازي!

خلال عامين في طرابلس، نجحت هِكسا لحد كبير في مساعيها، كمنظمة صغيرة بسيطة الإمكانات، تمكنت من تنفيذ جملةٍ من المشاريع ذات الأثر، وكان التوسع شرقًا نحو بنغازي الخطوة القادمة، بدأ الأمر مع “ساعة برمجة” حينها طُلبَ مني المساعدة والتطوع، لأجد نفسي في نهاية الأمر مسؤولاً عن الفريق بالمنطقة! لم أستسغ يومًا فكرة الانخراط في هِكسا -قبل أن أنخرط فعلاً- فلطالما كانت هِكسا بالنسبة لي “كلية IT” في صورة “م.غ.ر**” وحتى حينما قبلت المشاركة في ساعة برمجة آنذاك قبلت بها على مضض، وبفعل الضجر! [قصة كرهي للـIT طويلة، قد تروى تفاصيلها مرة أخرى]

كانت تلك التجربة التي غيرت من أفكاري المسبقة، على مدى 5 أيام رفقة العشرات من فتية وفتيات الكشاف حظيت بوقتٍ ممتع، ومرهق، وأجهت فيها رفقة الفريق صعوبات وتحديات جمّة، وصلت لحد التهديد، وربما هذا ما حفزني على أن أكون هكساويًا!

أن تكون هِكساويًا

لا يهم إن كنت تعرف هِكسا أم لا، إن كنت تحبها أو تكرهها، إن كنت على وفاق مع من فيها أو خلاف؛ لأن الحقيقة المجردة أن تجربة هِكسا كانت فريدة، لقد نجحت ولو بالكم البسيط!
بعد الانتهاء من مشروع ساعة برمجة، بدأنا في العمل أكثر وأكثر على إحلال نشاطات وفعاليات أكثر ببنغازي، الهدف كان بسيطًا نشر رسالتنا، رسالة هكسا التكنولوجية؛ عبر سلسة من جلسات هِكسا هانچاوتس، أو إحياء الأحداث العالمية مثل يوم الأردوينو، كل تلك النشاطات وغيرها كانت في بعض الأحيان تحدث بشكل متزامن في كل من طرابلس وبنغازي، بل وأحيانًا أكثر بنشاطاتٍ عبر البحار، تلك كلها كانت محاولات وسط تحدٍ حقيقي سياسي وأمنّي، استطاعت هِكسا لأمدٍ طويل اجتيازه!
أن تكون هِكساويًا هو تمامًا كما أن تكون كشفيًا، إنها رحلة طويلة من التعلم، وجرعة من الفخر، ذلك هو ما لن أنساه لهِكسا، طوال سنواتي الثلاث/الأربع في هِكسا تعلمت الكثير، ولا خير من وسيلةٍ للتعليم مثل التعلم الذاتي والعملي، وهذا هو أسلوب هِكسا!
حققنا في هِكسا تغييرًا حقيقي ملموس، صارت التكنولوجيا قضية أساسية تهم شرائح واسعة ولم تعد محصورةً في طبقة قليل تدعى بالـ”Geeks”، نقلت لوحات دارة رقمية لا يبالي بها إلا مهووسي التكنولوجيا إلى بطولة وطنية يهتف لها الجمهور! ألهمت هِكسا الكثيرين.. ومن رحم رسالتها شهدنا العشرات من المنظمات والشركات التي تشارك الرسالة والأهداف، تلك هِكسا، هِكسا التي أعرفها، والتي كانت لأن مَنْ خلفها أرادوها أن تكون!

في ذكرى ميلادها السادس، #هكسا_للأبد!

* أمجدبدر، صديق مثير للجدل، وأحد مؤسسي منظمة مجتمع هِكسا للتنمية التكنولوجية (أ.ت.ك: هِكسا كُونِكْشِن)
* م.غ.ر: منظمة غير ربحية

رأيان حول “هِكسا كونِكشن: أن تكون هِكساويًا.

ضع تعليقًا