جدليّة الدراسة الجامعية في خضم الحرب الأهلية!

جامعة بنغازي
جامعة بنغازي

مضت أشهرٌ طوال منذ أن توقفت الدراسة بجامعة بنغازي [مُنذ منتصف أيار/مايو] حيث أعلنت الميليشيات شبه النظامية بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر حربها على “الإرهاب” وبادلته الميليشيات الإسلامية  المتطرفة إعلانها الحرب على “الطاغوت” حفتر، وفي الغرب هناك بطرابلس، فقد أعلنت الجامعة إيقافها الدراسة مُنذ مطلع آب/أغسطس الحالي بعد أن تزايدات حدة الصراع ما بين ميليشيات إسلامية وأخرى شبه نظامية، وبعد أن بأتت الجامعة غير بعيدةً عن مرمى النيران؛ اليوم جامعة بنغازي تعلن إستئناف الدراسة في الثلاثين من الشهر الجاري، بينما أعلنت طرابلس إستئناف الدراسة في منتصف الشهر المقبل، أيمكن ذلك؟

توقفت الدراسة بالأساس في بنغازي لتواجد معسكراتٍ رئيسية للميليشيات المختلفة والمتقاتلة بمحيط الجامعة، ففي إحدى أيام مايو الماضي تحصن عناصر إحدى الميليشيات بداخل الحرم الجامعي بعد أن تعرضوا لهجومٍ من قبل ميليشيا أخرى معادية لهم، وكذلك سقوط قذائف صاروخية مجهولة المصدر لعدة مرات ألحق بعضها أضرار مادية بالغة نسبيًا وفي أحيانٍ أخرى كانت تسقط في أماكن خالية. حسنًا دعونا وفقًا لما سبق أن نفكر هل من الصواب إستئناف الدراسة؟ هل من شيءٍ  قد تغير؟ أانتهت كل الأسباب السابقة؟ قطعًا لا، بل زادت.

’’ يوجد بالجامعه منطقة تملك فيها قوات كتيبة الـ21 أمر بإطلاق النار وهي المنطقة المحيطة بداخلي البنات؛ ونحن اصلاً شن نِبّوا فيها؟‘‘

– د. محمد المنفي، رئيس لجنة الأزمة والناطق الرسمي بإسم جامعة بنغازي

جامعة بنغازي تُصر على أن تستأنف الدراسة نهاية الشهر الحالي حتى لا يضيع الوقت هباءً غير مباليةً بالوضع الأمني المتأزم بالمدينة مكتفيةً بوعودٍ من جانب الميليشيات الإسلامية المتطرفة والشبه نظامية بعدم التعرض لها، الوعود التي لا يمكن بأي شكلٍ من الأشكل الوثوق بها!

يقف عددٌ لا بأس به لصالح قرار إستئناف الدراسة خصوصًا أولئك ذوي الفصل الدراسي الأخير قُبيل تخرجهم وإنهاء حقبة مريرة بين جدران الجامعة الإسمنتية البالية، من حقهم أي نعم ولكن إستئناف الدراسة في وضع الحرب العلنية هذه مسٌ من الجنون، ناهيك عن الخطة الحالية للجامعة التي ترى الإكتفاء بما تم منحه من منهج دون إكماله والإمتحان فيه مباشرةً، الأمر مثير للغثيان فنحن لا نشهد تعليم رديء وحسب بل ومنتوج رديء بل منتوج رديء أيضًا على غرار الـ80% نجاح في الشهادة الثانوية لسنة 2014، بفضل الغش والفوضى طبعًا.

جامعة طرابلس - كلية الهندسة
جامعة طرابلس – كلية الهندسة

جامعتي طرابلس وبنغازي تُصران على إستئناف الدراسة رغم الظرف الحرج الحالي في كلتا المدينتين والذي يزداد سوءً لا إستقرارًا يومًا بعد يوم من دون وضع أيّ إعتبار لمسألة النزوح المكثفة التي شهدتها عددٌ من أحياء كل من طرابلس وبنغازي ناهيك على من غادر البلاد بأكملها تخوفًا على نفسه من رأي أو موقفٍ قد تبناه في إطار الإحتراب الأهلي الحالي.

اليوم بات لدينا عدة سيناريوهات قاتمة حول مستقبل الجامعات في حال تم فعلاً إستئناف الجامعة مقابل سيناريو جميل هو أشبه بالحلم وهو أن تعود الدراسة مجددًا وتجرى الإمتحانات دون أيّ عراقيل أمنية مصاحبة غير غياب جُل الطالبات لطبيعة المجتمع وتخوف أسرِهن عليهن، هذا هو السيناريو الأشد وردية؛ حيث بالإمكان رسم سيناريو تطويق الجامعات من قبل أي ميليشيا وفي أيٍّ من الجامعتين، ويمكن تصور سيناريو أشد وحشيّة بإندلاع معركة مفاجِئة في محيط الجامعة قد تنتقل إلى داخل الجامعة.

كل هذه السيناريوهات وغيرها لا يمكن بأي شكل الإستخفاف بها فهي قبل جدًا للحدوث فالأطراف المتقاتلة حاليًا ليس لها ذرة من عقل تفكر به قبل أن تباشر أعمالها المدمرة الغبية، ولكم في ما حدث من تدمير وتخريب في كلتا المدينتين ومن قبل كافة الميليشيات مثال واضح وجلي على أنه ينبغي الوجل والحذر قبل إتخاذ قرارٍ متعجل بإستئناف الدراسة دون تفكيرٍ معمق في عواقف قرار مصيري بحق الألاف من الطلاب والطالبات والإكتفاء بالسخرية من هكذا سيناريوهات والتعويل على شعارات جوفاء حول وطنية الليبيين و”هاذول ليبيين زينا مستحيل يديروا هكي” فرغم كل ما حدث وما يحدث في ظل الحرب الطاحنة لا يزال البعض غارقٍ في وهم “الليبيين شعب طيب” وأصيل، أو التستر بحجج الدين “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا” والعمر واحد، واللي كاتبها ربك تصير! يلقون بأنفسهم إلى التهلكة ثم يقولون لما هلكنا، هكذا إعتدنا، المثير للسخرية هي حجة إعادة الدراسة لإجبار الميليشيات على وقف القتال! ويكأن عاشقي الدم المتقاتلين يخشون سفك الدم! ليست هذه الأسباب فقط المبررة لإيقاف الدراسة فالنازحين والحالة النفسية وأسبابٌ أخرى تعد اسبابًا أساسية لتبني فكرة

أوقفوا الحرب، وإلى حين ذلك أوقفوا الدراسة؛ السلامة العامة أولاً.

11-14

صورة أرشيفية - المصور عبدالله دومه ©
صورة أرشيفية – المصور عبدالله دومه ©

(1)

أناسٌ خرجوا للتظاهر ردوا عليهم بالمياه الساخنة والرصاص، الناس “دمها حامي” إقتحمت المعسكرات وتسلحت، ووحدات عسكرية انشقت.

(2)

حربٌ أعلنت بين جيشٍ ومتطوعين، وبين جيشٍ منشق ومتطوعين ايضًا.

(3)

حربٌ أهلية، سماها طرفٌ بالثورة المسلحة، والآخر أعلنها حرب للدفاع عن الوطن “وسلطة الشعب”.

(4)

لحماية المدنيين تدخلت دولٌ، سميت من الطرف الأول “طيوار ابابيل”، والآخر قاتلها وأعلن الحرب على العدو “الصليبي الغاشم” المستعمر.

(5)

إنتهى الأمر، أو هكذا قيل.

(6)

الحرب الأهلية الأولى كانت زلزال له إرتدادات

(7)

حروبٌ أهلية في الجنوب بين التبو والعرب؛ حروبٌ قبلية في غرب البلاد

(8)

الحرب الأهلية الباردة في طرابلس ما بين الزنتان ومصراتة مستمرة

(9)

حربٌ أهلية في بني وليد، تنتصر مصراتة فيها (أو درع ليبيا) أمام التلفزيون.

(10)

ماحكَّ المُماحِكون مُماحكاتهم السياسية، واختطف الخاطفون مخطوفيهم، وابتز المبتزون مُبتزِّيهم، وسار السائرون في غير مساراتهم.

(11)

ميليشيات نظامية تقاتل في ميليشيات شبه نظامية في بنغازي بإسم الحرب على الإرهاب في بنغازي والحفاظ على الثورة من الإنقلاب.

ميليشيات شبه نظامية تقاتل في ميليشيات شبه نظامية في طرابلس بإسم الثورة وعدم “سيطرة” ايدلوجية على البلاد.

(12)

حرب السياسة إنتهت، لا شيء يعلو فوق صوت السلاح

(13)

الغراد يقصف داخل المدن، لا بد أن تتجرع كل المدن من ذات الكأس، روح الإنتقام

(14)

برلمان يطالب بتدخل خارجي بعد ان عجز عن إيجاد حل وانفلت الأمر، “وطنيون” يرفضون تدخل الغرب لعدم “خيانة” الثورة.

(00)

ثلاث أعوام من الإحتراب الأهلي الدائم المتقطع، بلادٌ مزقها السلاح واستذكرت كل خلافاتها التاريخية او العرقية، أموال ضُخت لتزيد من النفوس الملوثة، بإسم الدين، وبإسم الوطن، وتارةً بإسم الشعب، وعادةً بإسم الثورة، قُتِل الشعب، من 2011 حتى 2014 وإلى ما بعده ظلَّ الليبييون يتقاتلون دون وعي؛ في البدء انقسم الشعب لقسمان (قسم مع الحرية وآخر عبيد للديكتاتورية) هكذا رأى الطرف الأول، أما الثاني فكان يرى ( قسم مع المستعمر، وقسمٌ يدافع عن الوطن) غاب الطرف الثاني وظل الطرف الأول منتصرًا، أو هكذا ظهر الأمر في البدء، إنقسمَ الأول فخونَّ أصدقاء الأمس بعضهم البعض، المال فعل.

تعطش الجميع للدم، عشقوه، أدمنوا عليه لحد الثمالة، ضجيج آلة الحرب قد يكون نشازًا بالنسبة لك، لكنه لهم أعذب صوت، ولا زقزقة العصافير يا أخي!؛ بادر البعض بمبادرات من أجل المبادرة، واطلق آخرين دعوات حوارٍ من أجل الحوار، وهكذا أستمر الأمر إلى فشل، نظِّمت إنتخابات من أجل الإنتخاب حتى صار لدينا إنتخاباتُ شبه نصف سنوية، تارة انتخاباتٌ محلية، وتارة اخرى تشريعية، وتارة دستورية، قد ننتخب حكومتنا غدًا من يدري؟

إستمرت الحرب، ووجد برلمانٌ جديد نفسه في قلب صراعات عسكرية تدك المدن، فكر في حوارٍ وفشل، فكر في ضغطٍ بواسطة تدخلٍ أجنبي، فنعث بالخائن “للثورة” تلك الثورة التي ما كاد لها ان تحيا لولا ذاك التدخل، هل التدخل هو سباب ما نحن فيه؟ ربما نعم، وربما لا؛ الأمر ينبثق من موقفك إتجاه الحدث، لكن اللعب والإزدواجية تجعلك كاذبًا لا يقيم لعقله وزنًا، ما تكذبش وتعيش كذبتك، ما بين 2011 إلى 2014 مافيش شيء تغير، حرب أهلية مستمرة وقودها الدم.

الحرب هنا مستطونة، في اللاوعي.

طراطيش كلام عن النهضة!

بقعةٍ من الأرض تدعى ليبيا جنوبها يحتضن ثروات مائية وشمالها يحتضن بحر المتوسط بشرقها الاخضر وغربها الخصب للزراعة، وبعمومها مرصعة بكنوزٍ اثرية واحواض نفطية.

اهو بلدٌ شاسع..؟
 أي نعم.
وما حال اهلها؟
نفرٌ قليل، عندهم من المُعضلات كثير!
أعندهم زلازل أم أعاصير ما المخاطر وما هذه المعضلات الكثير!؟
يا سيدي، هذه البلاد تعج ببشرٍ للعمل هم لكارهون، تعج ببشرٍ تفوح من جسدهم رائحة الكراهية المقززة! حبهم للكره بكافة اصنافه واشكاله تفوق أي حبٌ عندهم، إنه عشق للكراهية بلا حدود.
يا سيدي، إنهم أناسٌ يستمتعون بإراقة الدم، بل وبه يتلذذون!
جهل وتخلف كرهٌ وحقد فوضى خراب دم تعذيب هات ما عندك من سلبيات الدنيا وضعها هنا، فهي في رواية ما هنا ولدت!
آن الأوان يا أمة أن تنهضي، قالها العشرات والمئات بل والالاف، لكن هذه الامة لم تنهض!
أنعيب الزمان والعيب فينا؟
كفانا عبثًا وإلقاء اللوم عن هذا وذاك، عن قائد حزبٍ تارة، ورئيس حكومة تارة أخرى…
آن الأوان لان نصارح أنفسنا بان العيب جُل العيب فينا لا مسؤولينا، كفانا بالقاء اللائمة على الحكومات وحسب.
كم من مليار صرفت لتمنح لهذا الشعب كمرتبات نظير عملهم، استدرج حديث دار مع صاحب تاكسي حين قال:
” والله أنا نشتغل في الشركة العامة للكهرباء، تصدق ليا 6 سنين معش مشيتلهم حتى شكل المبنى نسيه، والحمد لله ناخذ في مرتبي كل شهر، ومديري من كم يوم اتصل بيا وقال انهم دارولي زيادة المرتبات الجديدة وقالي عّدي للمصرف بيش تاخذهن”
ليست مزحة، إنما هو يقولها بكل فخر، هؤلاء هم سواعد هذا الوطن الذي يريد ان ينهض، يأخذ ولا يعطي، ولا يكف عن قول “هات” طالما ان النفط يضخ، ودخان الغاز المتحرق للهواء متصاعد هو مطمئن، وحتى إن توقف فهو لن يتوقف عن قول هات فالنفط لم ينضب بعد.
أمة يكره فيها السلفي الاخواني، والاخواني الليبرالي، وإلى آخر قائمة التصنيفات، تريدون من هذه الأمة أن تنهض؟
هات يدك، ليس لتقبض المال، بل صافح أخاك، تخلوا عن النظرة العنصرية والدونية، تخلوا إنتماءتكم الطائفية القبلية والدينية والسياسية، هات يدك وافتح قلبك إجعل منه شاسعًا كما ارضك، هذا البلد الشاسع يضيق على ابناءهم!
لنحقق نهضة في القاعدة.
اما من حراك مدني حقيقي، اما من أحد يشد زمام المبادرة من اسفل القاع، من القادة نوروا العقول، كفانا جهلاً لما نُصر على العودة للوراء.
أنظر امامك دع بصرك فقط للامام ولا تلتفت، كفانا حديثًا عن الماضي وإنجازات النضال، نضال اليوم هو لتنوير عقول اهل الوطن لتعود قيم الانسانية والتسامح، لتنهي البغضاء!
تالله لامر محزن أن يُصر البعض على العودة للوراء، المرأة مكانها بيتها، وإعادة أسواق النخاسة، أتودون العودة قرونًا للوراء!
اليوم نحن بحاجة لحراك مدني حقيقي يعلن ثورة في القفافة والفكر والعلم، ثورة تنير العقول التي أظلمت، ثورة تعيد للشعب انسانيته التي خطفت، ثورة تعيد أخلاق الليبيين ليعودوا بشرًا بعد أن عاشوا في غابةٍ لعقود.

مما تخافون الآن؟!

الصورة من ويكيميديا كومنز

الريبة، تدفع الإنسان للخوف.. وبالتالي إلى الإحتراز والتفطن  وحسبان كل خطوة يخطوها، لهذا التخوف والخوف أمر طبيعي وصحي في العديد من الأحيان.

في ما مضى من السنون، كانت سيارات “الأمن” تجوب الشوارع والآزقة مع طلوع الفجر وتلملم كل مشتبه فيه بأنه إرهابي أو بالأحرى “زنديق” لعل الغريب ان يتم الإعتراف بهذه الجريمة من قبل فاعليها انفسهم قبل وقتٍ قليل من تحسسهم لكراسيهم للوهلة الأخيرة قبل ان سقطوا عنها، عمومًا… في ذاك الوقت كان عدد كبير من الأهالي يمنع ابنائهم من الخروج واداء الصلاة بالمساجد تحوطًا وتخوفًا عليهم من “الأمن”.

اليوم، يصيح شيخٌ من على منبره ” مما تخافون الآن، مما تخافون الآن بعد أن سقط الطاغوت وكنتم تدّعون بانكم لا تريدون ان ترسلوا ابنائكم للمساجد تخوفُا عليهم من رجاله”، على رسلك يا شيخ لما الغضب… لما الاغضب من أسر خشيت على أبنائها منكم، لا تقل لي أنكم ملاك على الارض… فصورتكم البيضاء بدأت تهتز ولطختموها بمتناقضتكم وتهجمكم على بعض تكفر الاخواني والاخر يكفرك وتكفرون ذاك الاشعري او الصوفي وهكذا دواليك…

كيف تريد يا شيخ من تلك الأم أو ذاك الأب الذي رأى مصير إبن الجيران الذي قتل في سوريا او العراق وافغانستان… هل تريد من الوالد ان يثق في من يرسل إبنه إلى الموت… أيعقل ان يثق الوالد في من سيغرر ويغسل عقله إبنه، من سيفق إبنه الإنسانية…

أعلمت مما يخشى الأهالي الآن؟، إنهم يخافون على ابنائهم منكم… نعم يخافون منكم لأنكم تحبذون الدمََّ على السلام، ما عدتم تتحدثون عن السلام والعفو والمساواة… كل خطبكم مملوءة بالكراهية والدم!

أعلمت يا شيخ مما يخافون الآن؟

جهاد الأطفال ياشيخ… جهاد الأطفال!