لماذا ليس علينا أن نكره سنة 2014؟

إحتفالات طرابلس بذكرى إنتفاضة فبراير – ميديا ميدان الشهداء
كعادتنا، من سنةٍ إلى سنة نترحم على السنون السالفة ونلعن سنتنا المُرة، الحنين للماضي هو نمط حياة مجتمعنا، ليس المجتمع الليبي وحده إنما كافة -لنقل جُل- مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لماذا ليس علينا أن نكره سنة 2014 في ليبيا تحديدًا؟

بداية لطيفة

إنتخابات الهيأة التأسيسية (لجنة الستين)

VOTED
إنتخاب ممثلي سرت في الهيأة التأسيسية – صورة من تويتر @LibyaFromFrance

في مطلع عام 2014 وفي يومه الأول تُبشرنا وكالة الأنباء الليبية الحكومية بخبر إعلان المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات بتخطي عدد المسجلين في قوائم الناخبين المليون ناخب، الرقم الهزيل نسبيًا مقارنة مع إلإنتخابات التشريعية 2012، وفي ذات الوقت إنطلقت حملة الدعاية الإنتخابية لمرشحي الهيأة التأسيسية المكلفة بإعداد وصياغة الدستور، دستورٌ يتفائل به المتفائلون -لأكن منحازًا وأقول الواهمون- ولا يرى فيه المتشائمون إلا حبرٌ سيلوث الورق لا أكثر ولا أقل في ظل أنا السلاح بيد “المجتمع الجاهل”.

“إنتخب من أجل دستورك” الجملة التي ملأت الطرقات ولاقتك أينما وليت وجهك في المدن الليبية الكبرى بالخصوص، وبنسبة 45% شارك الليبيون في “إعداد دستورهم” في إنتخابات يوم 20 فبراير/شباط، عزوف كبير في التسجيل الميسر والمشاركة بسبب “يأس” عم الشارع من إمكانية التغيير والسلبية كما وصفت آنذاك، وفي مقابل كل ذلك كانت مفوضية الإنتخابات قد أعدت إنتخاباتٍ بمستوى جيد جدًا إعلاميًا وتنظيميًا -عن نفسي في يوم الإنتخاب ذاك شعرت للمرة الأولى في ليبيا بأنني أعامل كإنسان!- وإن لم تنتخب كل المدن ممثليها بسبب مقاطعة الأمازيغ المطالبين بحقوقٍ لهم، وأحداث عنف وتطرف عصف بمدن أخرى على رأسها بالطبع مدينة درنة.

إنتخابات مجلس النواب

الليبيين بشيكاغو: إنتخاب مجلس النواب الليبي - صورة عن @libyanproud
الليبيين بشيكاغو: إنتخاب مجلس النواب الليبي – صورة عن @libyanproud
موظفي الإقتراع لإنتخابات مجلس النواب - طرابلس
موظفي الإقتراع لإنتخابات مجلس النواب – طرابلس

بعد أسابيع قليلة من إنتخابات فبراير شباط التأسيسية جرت إنتخابات تشريعية في 25 يونيو/حزيران التي أفضت بتأسيس مجلس النواب إنصياعًا لإحتجاجات شعبية واسعة باسم “لا للتمديد” في مدن ليبية مختلفة طوال أشهر ضد “المؤتمر الوطني العام” وصلت إلى حد تهديد هذا الأخير بالهجوم المسلح عليه من قبل ميليشيات لثوار سابقين محسوبة على مدينة الزنتان.

هذه الإنتخابات هي الأخرى لم تمد سنتنا “2014” بروح الأمل اللازم بعد فقدان كل ما أمكن تشربه من إنتخابات “لجنة الستين”، الإنتخابات التشريعية مرت بظروف عسيرة وصراع مسلح على أشده ما بين ميليشيات شبه نظامية ونظامية أعلنت عن “عملية الكرامة” للقضاء على جماعة “أنصار الشريعة” وحلفائها والتي لم تكن مدرجة أمميًا على قائمة الإرهاب وقتها.

مظاهرة لا للتمديد بطرابلس – عن ميديا ميدان الشهداء

فرحٌ كروي

إحتفالات في طرابلس للفوز بكأس أمم أفريقيا للمحليين – عن ميديا ميدان الشهداء
“علي الزغداني” فرحًا بفوز المنتخب الليبي

في يومٍ ماطر من أيام يناير/كانون الثاني المئِات من الليبيين إحتشدوا في ميدان الشهداء بقلب العاصمة طرابلس كانت تلك اللحظة تجسد عودة الإنسان الليبي إلى حالته الطبيعية العاشقة للحياة والترفيه، العاشقة للمستديرة التي صارت لا شيء بسبب وباء التسلح المنتشر والعنف المتصاعد، كانت تلك الصور المميزة للزغداني فرحًا بفوز منتخب بلاده وظفرها لكأس بطولة قارية للمرة الأولى في تاريخها خير تعبير عن ما يجب أن يشغل بال الليبيين، لكن هذا لم يدم طويلاً.

نهر الموت – الحرب الأهلية

طائرة ليبية تحترق على مدرج مطار طرابلس الدولي – صفحات فيسبوك

لا تأثير “للأحداث اللطيفة” في وجه العنف والموت المتصاعد، بنغازي التي فتح صنبور الإغتيالات فيها لأعوام إنفجر وصارت الإغتيالات فيه يومية بأعداد ليست بالهينة، وفي نهاية الربع الأول من العام ظهر ما عرف بعملية الكرامة للقضاء على متطرفين إسلاميين أتهموا بالوقوف وراء عمليات الإغتيال الروتينية بالمدينة، لتنطلق حربٌ لم تنتهي حتى الآن.

معارك بمنطقة الصابري في بنغازي - عن @fadelullahbujw2
معارك بمنطقة الصابري في بنغازي – عن @fadelullahbujw2

كيف لنا أن لا نكره سنة 2014 وفيها قد خطفت روح توفيق بن سعود وسامي الكوافي، وسلوى بوقعيقيص، مفتاح بوزيد، والكثير؟! هل سنكره سنة 2015 أيضًا؟! لا أحتمل غير ذلك حقًا.

“الدستور هو الحل” كرر 3 مرات..

دستور ليبيا – من موقع سفارة ليبيا ببريطانيا

من يتابع الشاشات سواءً المحلية او العربية واحيانًا حتى الدولية ويشاهد “المحللين السياسيين” الليبيين أو “الخبراء الاستراتيجيين” سيلاحظ نفس الامر، ببساطة جُل من يظهر على الشاشات مُصاب بالحالة الببغائية الليبية!

كرر ثم كرر ثم كرر حتى يؤمن الناس!

بحسب علم النفس والدراسات فتكرار المعلومة او رأي ما لعدة مرات سيتحول إلى مُسَلَمة عند عقل المُتلقي، ومن جهة اخرى وكون الشاشات الليبية التلفزيونية قد تكاثرت كما يتكاثر الفطر في الاماكن الرطبة، وصار هناك من الوقت متسع اكبر ليخرج الجميع ليُنظِّر على من يشاهده، ولان جُلهم يرغبون في التنظير لاجل التظير والشهرة وحسب… بالتالي يتابع بعضهم الآخر، لكي يعرف ما يقول “زميله” المُنظر ليخرج ويكرر ما قاله ولكن بشيء قليل من التعديل ربما كلمة “انا” احيانًا تكفي!؛ تارة يجمع الجميع على ان ما يحدث في البلاد شيء صحي وطبيعي ويحدث في كل دول العالم، وتارة اخرى يكرر الجميع أن الحل للازمة يكمن في الثوار فهم جزءٌ من الحل لا المشكلة، وهكذا تستمر الببغاوية الليبية إلى أن وصلت لمرحلة “الحل يكمن في الدستور”.

كَّرر فكرة ان حل الازمات الحالية والمستقبلية هي الدستور العشرات من الشخصيات احيانًا يردد هذه الكلمة الدكتور فلان وتارة السيد علان الناشط السياسي وفي مرة اخرى تكون السيدة فلانة الناشطة الحقوقية، وهلمَّ جرا..

كرروها فاصبحت حقيقة مسلمة، وصار الجميع يعقد الأمل على هذا الدستور المنتظر!، واثناء هذا الانتظار تُرحل كل المصائب والكوارث الآنية إلى ما بعد الدستور فعند إعلانه ستحل..!

فان فتح موضوع النازحين جاء الرد الفوري “ستحل المشكلة باقرار الدستور”، وان قلت ماذا عن الامن فيأتيك الرد مسرعًا كما سلف وبنفس الاجابة، وهكذا كل الازمات من تسليمٍ للسلاح ورصيف لطريق تلك القرية الصغير اعلى ذلك الجبل او تلك العائلة الفقيرة في اطراف الصحراء البعيدة وكل شيء سيحل باقرار الدستور المنظر، دستور الخلاص!

آمن الجميع بان الدستور المنتظر هو دستور الخلاص وطوق النجاة، وهذا الجميع سيصطدم بحقيقة الحلم الوردي وانتظار “السراب”، يغض الجميع نظرهم عن جارتهم مصر التي اقرت دستورًا ومع ذلك لم تحل ازماتهم، يظن البعض انه وبمجرد اقرار الدستور سينتهي العنف وسيتم ضبط الامن ويبدأ تفعيل القانون!

ما الفائدة من اقرار دستور دون تنفيذه من سينفد الدستور؟ اشباح الاجهزة الامنية والمدنية؟ مالفائدة من روحٍ جديدة لجسد مُنهك بترت اجزاء من جسده واخرى شُلت…

اصلحوا انفسكم وطهروها من الفساد

كيف سيحل الدستور الفوضى الامنية دون قوة تنتزع السلاح وتفرض الامن وتطبق القانون؟ الاشكالية ليست في القوانين فهي موجودة بل في من يطبقها؛ استفيقوا من الحلم الامر ليس بهذه السهولة لن تنتهي الازمات بولادة دستور حلحلة الازمات ينبغي ان تكون آنية، وولادة دستور ايضًا ليس بهذا الامر الهين ايضًا…

كرر ثلاثة مرات ” الدستور هو الحل”، ” الدستور هو الحل”،” الدستور هو الحل”..

– ياراجل بكل البلاد خاشة في بعضها!.

— تي غير اصبر يا راجل توا يديروا الدستور وتُفرج.

أنا إنقلابي وأفتخر…!

الحمقى أصحاب “لنحافظ على الشرعية” -عمومًا هي نفس الكلمة تتردد في تونس وليبيا ومصر… لا جديد- لا ادري عن اي شرعية يتكلمون…
“مؤتمركم بلوه واشربوا مايته” الوطني فقد شرعيته منذ أن أقالت هيأة النزاهة أول عضو فيه، حينما أصبحت هيأة النزاهة هي صاحبة الفيتو والسيادة واصبح صوتها أعلى من صوت الشعب.
وعلى ذكر صوت الشعب، فالانتخابات هي ايضًا برمتها إنتخابات غير نزيهة للوضعية التي أقيمت فيه بقانون رديء عفن، والعَّجل باتمام عملية الإنتخاب دون أن يعطى الناخبين والمترشحين فترة كافية في الدعاية الانتخابية، في العام المنصرم كان من الجلي ان صاحب السلطة -الصورية- والشعب ايضًا مع الاسف يستهدف الإنتخاب، الهدف كان إجراء انتخابات فقط، لا مجلس تشريعي يخرجنا من مأزق، الجميع حذر من مادة 30 في الدستور المؤقت المشوه هو الآخر، فكنا ولازلنا واعتقد سنظل نعشق “العِند”.
الآن، مع ما سبق ذكره وغيره من المسببات أن لا أعترف بما تسمونه “الشرعية”، لا سلطة تمثلني اليوم، وارغب في إسقاط السلطة الصورية الحالية…
أانا إنقلابي الآن، حسنًا هذا يروقني..

أعظم دستور عرفته البشرية، دستور دولة ليبيا من صنع يديا!!

صورةوكما تقول الجملة الشهيرة :

من صنع يديا وحياة عينايا

مضى من الوقت عامين دون ان نرى تقدمًا ملموسًا حقيقيًا في الطريق نحو كتابة الدستور… نحن لازلنا ننتظر موعد كتابة الدستور ولم نفكر في الوقت الذي سنعتمد فيه الدستور.. 

بإختصار شديد فالدستور امامكم طويل، انتهيت من كتابة الدستور الذي ارى انه جيد، ولن اتغزل فيه كما تغزل الاخوان بمصر في دستورهم وقالوا عنه اعظم دستور في تاريخ البشرية فدستوري ايضًا هو كذلك!

عمومًا إقراؤا هذا الدستور واعلمتوني بانبعاتكم وهو مليء بالأخطاء وهذا شيءٌ أكيد!

يمكنكم الإطلاع على الدستور من هنا

تهدريزة على نتائح المسح الوطني الشامل!

إطلعت على نتائج المسح الشامل لمركز الاستشارات والبحوث – جامعة بنغازي، حقيقة بعض النتائج هي صادمة بالنسبة لي، وهذا لا يعني التشكيك في مصادقية العمل بل العكس العمل مهني واكاديمي جدًا، لكن يكشف لنا عن أشياء صادمة وفي قضية المركزية مثالاً! لايعقل أن نسبة من لا يزال يؤيد فكرة الدولة المركزية 30% الهذه الدرجة يحبذونها! في الغرب هي مبررة بأنها قريبة منهم وتعود لهم بالنفع بشكل أو باخر ولو جزئي، لكن الجنوب! الا يزالوا يعتقدون أن أمن منطقتهم ستكون بالحكم المركزي! الا يدرون ان توسيع الصلاحيات يجعل من منطقتهم أفضل امنيًا ومعيشيًا!
الأمر الأخر هو رفض فكرة المنطقة الغربية ككل وبشكل نسبي لفكرة توزيع الثروات لتعود جزء من العوائد للمنطقة نفسها، الجميل أن هناك وعي في الجنوب، فهو من اكثر المطالبين بتوزيع جزء من الثروة للمنطقة المستخرج منها وهذا أمر إيجابي.
صراحة، اراء الاغلبية بمعارضتهم للدستور 51 كانت مخيبة لامالي، لكن نسبة ال64% التي تتوقع مستقبل أفضل عما قريب والمتفائلة جدًا ارى انها ماهي إلا نفاق فالليبي اللي نعروفه لما يكون في موقف زي هضا ويسألوه بيجامل ويقول انه متفائل يعني في عندنا عدم مصداقية المدلي بارءاه لان هذي طبيعته النفسية – زي ماكانت هالة المصراتي ادير في لقاءات مع الشباب في طرابلس ومصبيين في طوابير البنزينا اسبوعين ويقول ان الامور تمام مية مية!!- وإلى هنا انتهت تعليقاتي على المسح!
تحياتي لكل الشباب القائميين عليه.

لمعاينة نتائج المسح