البطة السوداء

طفولتنا مشت في مسلسلات وأفلام الكارتون، ما بين أي آر تي أطفال، وديزني وسبيستون، ولا سويعة الرسوم إللي بعد موجز الساعة 2 الظهر في إم بي سي. الذاكرة المشوشة مازلت تتذكر يوم ما جابت قناة أي آر تي فيلم البطة السودا أو القبيحة[*]، يومها قعدت سخرية العيلة ببكيتي على البطة المكروهة من جماعتها المتخلفة، واللي زاد رسّخ جلجلة البكيّة أني بكيت وأختي ويلي أصغر مني قلبها متحجر ولا أنهزت فيها شعرة 😒! من يومها كان كل ما يتعاود الفيلم، كانت أمي أذكرني ببكيتي على البطة السودا.

البطة السودا كانت آخر وحدة تفقس من الدحية من بين خوتها، ويوم طلعت لو كنت مكانها رآ كرهت عيشي -آكشلي- هو كره عيشته أصلاً، حب ومحد حبه، والعنصرية كانت تجيه من كل حدب! مش عارف إذا كره العنصرية شيء طبيعي بالفطرة يجي ولا ما لازم ينزرع فينا زرع، لكن الأكيد أن العنصرية تجي فينا بالفطرة – لأ، أنا هكي كذب لأن العنصرية وكرهها نقبض ولو في حاجة مؤكد أنها بالفطرة إذن فالثانية حتكون عكس الفطرة، مسلمة لتحقيق معادلة موزونة!

بسواده وشيانته بكل قعد في الآخير طير صقع أبيض مسخط يسمو فيه البجع! مع أن البجع أسمح من البط لكن نطق اسمه يوحيلك بطير شين – مايوحيلكش، يوحيلي ع الأقل- البجعة هذي انظلمت من عيلتها ومجتمعها لكن الحقيقة، أن البجعة ساعدت ع البخت لما سكرت رأسها أنها تنسجم مع محيطها، مكان مالكش فيه مش حتنسجم فيه ولو خبطت راسك في الساس.

العنصريّة حاجة شينة سواء انغرست فينا ولا جت هكي من سبحان سبحانه، والأشين أنك تحاول وتستميت في أنك تقعد في محيط مش مرحب بيك – فريق مش فريقك – والأشين من الاثنين اللي فاتن هي أنك تكبت عاطفتك.

لو تفرجت على الفيلم مرة آخرى، مش مستبعد أن البطة السودا حتبكيني مرة أخرى!

 

 

[*] The Ugly Duckling

فتية الليل!

صورة لبنغازي ليلاً من الإنترنت

في ذاك الشارع الرحب شبه الخالي من السيارات والتي تمر مسرعة وتداعب الكم الهائل من الحفر والنتوءات ببشرة هذا الطريق الإسفلتية…

السماء داكنة الزرقة ويتوسطها هلالاً شديد اللمعان، ولا مكان لأي نجمٍ في هذه السماء!، عودٌ على بدء… ففي تلك الطريق جلس خمسة فتية أكبرهم سنًا ربما لم يتجاوز صفه الدراسي الأول… ضاقت بهم البيوت وضاقت ذرعًا  من نشاطهم وطاقتهم الملتهبة فما وجدت إلا أن ترميهم إلى الشارع ليسرحوا ويمرحوا ويعودوا لاسِرَّتِهم عندما يفرغون شحناتهم ويغطون في النوم، ذاك الطريق البديع كان بمثابة الملهى وممارسة الالعاب التي تسرهم،، ينام احدهم في منتصفه والاخر يجلس وثالثٌ يقف رافعًا يديه وكلٌ يتخد من شكلاً في موضعه وفي منتصف الطريقة ليكونوا سدًا للسيارات المسرعة وحاجزًا يكون ظلًا طويل على امتداد البصر بقعل إنارة السيارة…. وعندما تقترب منهم يتفرقون مهرولين، ويعيدون الكرّة… الأمر جميل وممتع، هذه روح المغامرة في نفوسهم “البريئة”،  تحية لفتية الليل في بنغازي الشجعان…!

جزء 1 | بعدستي : بنغازي … الثورة .

عند دخولك الى ساحة الحرية بمدينة بنغازي فستجد في استقبالك دبابة حربية …. ضمن الدبابات التي نزلت للشارع لتقتل وتجرج اُناس خرجوا للشوارع لم يحملوا في يدهم اي سلاح …. بل رددوا شعارات ثورية وعندما انتشر فيها المرتزقة ذوو القبعات الصفراء لينشروا في المدينة الفساد … وماكان من ابناء بنغازي الا حمل  الاسلحة البيضاء من عصي وسكاكين للدفاع عن شرف هذه المدينة الطاهرة .
اليوم …. طُهرت المدينة من كافة هؤلاء ….  اليوم … هاهي تلك الدبابات تتمترس في بداية ميدان الحرية ليس للترهيب … بل للعب , فقد اصبحت دمى بين ايادي الاطفال يتسلقونها ويتدحرجون عليها … في رسالة واضحة … تلك الدبابات التي كانت ترهب الكبار قبل الصغار , اليوم يلعب بها الاطفال … حقاً ان الله هو القادر على كل شيء .